مشعل الزير فنان من الرياض. بدأت رحلته الفنية منذ أن كان طفلًا يرسم شخصيات كرتونية، ومراهقًا يرسم على حقائب أصدقائه في المدرسة. شغفه بالفنون دفعه للتخصص بها دراسيًا في المرحلة الجامعية، حيث درس الفنون الجميلة بتخصص فنون بصرية من جامعة فريزر ڤالي بولاية بريتيش كولومبيا، كندا.
مشعل يبحث حاليًا في عدة مواضيع ويحاول تسليط الضوء عليها في أعماله. تشمل هذه المواضيع كل ما يدفعه للتأمل بنفسه كشخص وبالمجتمع بشكل عام، كالهوية والذاكرة والتاريخ الشخصي.
خلال إقامته في كندا، مشعل عرض أعماله في منصات مختلفة، وتعاون مع فنانيين محليين، وأقام ورش وحصص فنية، ونال جائزة الفنان الناشئ لعام ٢٠١٧ م. تكمن ممارساته الرئيسية في الرسم والأعمال التركيبية والوسائط المتعددة.
مشعل مستقر حاليًا في السعودية ويمارس فنه بشكل مستقل ويتعاون مع أفراد ومنشآت تدعم الفن والفنانين.
بدون عنوان / ٢٠١٩
متى وكيف بدأت علاقتك بالفن؟
علاقتي بالفن بدأت منذ أيام الطفولة. كنت أرسم باستمرار حتى بدأت دراستي الجامعية كمبتعث إلى كندا في ٢٠٠٨ م. كان تخصصي في البداية إدارة الأعمال. درست العديد من المواد المتعلقة بالفنون كالرسم والنحت أثناء دراستي لموادي الأساسية في إدارة الأعمال في البداية. كنت أحاول أن أوازن وقتي في الفن دون تغيير تخصصي بسبب المستقبل والتحديات التي تحيط الفن من ناحية المستقبل المهني واستمراريته. لكن رغم اهتمامي بتخصص إدارة الأعمال، وجدت أنني لا أميل لدراسته، وأن شغفي يكمن في الفن ودراسته بشكل أكثر جدية. لذلك غيرت التخصص بالنهاية رغم التحديات التي ذكرتها سابقًا.
هل اهتمت مدرستك بالفنون؟ كيف ساهم هذا الاهتمام (أو عدمه) على شغفك بالفنون؟
عندما كنت طفلًا كنت أحب الرسم بشكل عام. كنت أرسم شخصيات كرتونية كزورو وميكي ماوس. لذلك كنت أقدر حصص الفنية في مرحلة الابتدائي والمتوسطة. لم يكن يوجد تقدير لهذه الحصة في المرحلة الثانوية لذلك تجد أن أغلب الطلاب يستبدلونها بحصص الرياضة. رغم حبي لكرة القدم، إلا أنني كنت أنزعج إذا ألغيت حصص الفنية واستبدلت بالرياضة.
كنت متميزًا في حصص الفنية وأشارك في المسابقات على مستوى المدرسة متى أتيحت الفرصة. عندما كنت طالبًا في أولى ثانوي بدأت أرسم على حقيبتي وحقائب أصدقائي بألوان متعددة. دفعني حبي وممارستي الفنون بشكل دائم في المدرسة وخارجها على التخصص بها رغم ضعف تركيز عليها في المدرسة.
دفتر الرسم
كيف ساهمت دراستك للفنون كتخصص دراسي في صقل مهاراتك وأسلوبك الخاص؟ هل تعتقد أن دراسة الفن ضرورية للإبداع؟
دراستي للفن كانت مفيدة بالنسبة لي. لا أنكر أنها ساعدتني في صقل مهاراتي الحرفية كالرسم والنحت والطباعة وغيرها. للجامعة دور كبير في تطوير تلك المهارات، ودفع الطلاب إلى التعمق في الجانب النظري والأكاديمي في الفنون، كنظرية الفنون، وتاريخ الفن، وتاريخ الحركات الفنية، وكل ما ساهم في تشكيلها.
لا أعتقد أن كل فنان يجب أن يتخصص في الفنون لنعتبره "مبدعًا"، لكن دراسة الفن بشكل عام لها دور مهم في توسيع مدارك الفنان وتعريفه بأشياء لم تخطر على باله قد تساعده في تطوير أسلوبه الشخصي ومهاراته.
أي شخص يرى أعمالك يستطيع أن يرى أسلوبًا يميزها. كيف نشأ هذا الأسلوب، وما المدارس الفنية أو الفنانون الذين ألهموك؟
أنا مهتم بالكثير من المدارس الفنية، وأبحث وأقرأ الآن عن السريالية والتعبيرية. أود أن أذكر أن ليس هناك مدرسة أو فنان محدد ألهمني بشكل خاص لأن الكثير من الفنانين باختلاف الخامات والأساليب التي يستعملونها يلهموني بشكلٍ دائم. من الفنانين المعاصرين الذي يستهويني فنهم هم إبراهيم أحمد، وقوقلييمو كاستيلي، وجوهان فان موليم، ولويس برجوا، وغيرهم.
للأمام / ٢٠٢٠
بما أنك درست وعملت في كندا والرياض، كيف كانت رحلتك مع المشهدين الفنيين؟ وكيف اختلفا بوجهة نظرك؟
عندما كنت في كندا، عملت في معرض فني كمتطوع في البداية بعد تخرجي مباشرة ثم كموظف إداري في ٢٠١٧. كما كنت أدرِّس حصصًا فنية وأشرف على ورش في نفس المعرض الذي كنت أعمل به. المشهدين مختلفين ومتشابهين بنفس الوقت، والتشابه يغلب الاختلاف. من خلال عملي هناك لعدة سنوات وتعاوني مع عدة فنانين محليين، لاحظت أن الفرص عديدة ومتنوعة. تجد أن كل معرض فني يقدم أكثر من برنامج فني لأكثر من مرة على الأقل كل سنة ويدعو الفنانين للمشاركة به حسب فئاتهم العمرية وخبرتهم.
عندما انتقلت إلى السعودية في ربيع ٢٠١٩ م، وجدت أن المشهد الفني يشبه ما اعتدته هناك، لكن هناك بعض الاختلافات التي لاحظتها من ناحية المعارض الفنية وبرامجها نتيجة للطبيعة الثقافية التي تميز كل منطقة. أود ذكر أن المشهد الفني الآن يتسم بالكثير من الجهود والمبادرات التي تدعم الفنانين المحترفين والفنانين الناشئين والواعدين، وأنا متحمس للقادم.
بدون عنوان / ٢٠٢٠
تعدد المواضيع التي تتناولها في أعمالك، كالذاكرة والهوية والتاريخ الشخصي. لما هذه المواضيع بالتحديد؟ هل ممكن تذكر لنا أمثلة محددة عن كيفية ظهور هذه المواضيع في أعمالك؟
عشت ١١ سنة خارج السعودية، وعندما عدت قبل عامين، بدأت بالتركيز على مواضيع كالهوية. كما تأملت في طفولتي وذكرياتي وهويتي، وكل ما ساهم في تشكيل ما أنا عليه الآن. خلال جزء من تلك الفترة من حياتي (طفولتي)، مررت بمواقف وصدمات نفسية كان لها تأثير كبير على حياتي وشخصيتي، وفي آخر سنتين تقريبًا قبل رجوعي للسعودية بدأت هذه الذكريات والمشاعر تخرج إلى السطح لسببٍ ما، فأعطتني فترة الحجر السابق لانتشار كورونا مساحة للتأمل لأنها وفرت لي الوقت لأجلس مع نفسي وأواجه التحديات التي مررت بها. كما أنها ساعدتني بالبحث والبدء رحلة العلاج الداخلي، حيث دفعتني لإدراك أن الشخص لا يستطيع المضي للأمام دون أن يتصالح ويعالج ما حصل في الماضي. العلاج رحلة طويلة، لا يوجد بها "صح" أو "خطأ"، كما أنها تختلف من شخص إلى آخر.
لذلك طريقة بدايتي للعلاج في الفترة الماضية كانت عبر التأمل وممارسة الفن، ومنها البحث والقراءة. آخر أعمالي يناقش هذه الرحلة التي لا زلت أخوضها. آمل أن تتيح لي هذه السلسة تقوية الاتصال بنفسي وبالأشخاص الذين قد مروا بمواقف صعبة وصدمات نفسية. لاحظت أن هذه الرحلة فتحت لي أبوابًا للنمو والإبداع والتفكر رغم أن المواضيع التي أتطرق إليها شخصية للغاية، وآمل أن تُفتح هذه الأبواب للآخرين.
من المؤكد أنه ليس سراب / ٢٠٢٠
تنخرط بالعمل المجتمعي الذي ينشر الفن للعامة، كورش الأعمال وغيرها. ما أهمية ارتباط الفنان بمجتمعه برأيك؟ وهل تعمل بمشاريع أخرى لنشر الفن ورسالته؟
الفنان والمجتمع وجهان لنفس العملة. أدرك أهمية المجتمع والمساهمة في تطويره إلا أن أكثر المرات التي شعرت فيها بأهميته كانت بعد سكني في مساحة مشتركة مع ٢٠ شخصٍ آخر من مختلف أنحاء العالم. كان هناك لقاء في تلك المساحة يسمى "لقاء المشاعر". أجتمع مع باقي سكان المساحة كل شهرين في هذا اللقاء لمناقشة مشاعرنا وتجاربنا. كانت المساحة آمنة تحث جميع من يشارك بها أن يدخلها دون أي تمييز أو كراهية أو أحكام. ساعدني هذا اللقاء إلى إدراك أهمية المجتمع، وأهمية التفات الفنان إلى مجتمعه وتكوين علاقة قوية معه تتسم ليس فقط بالأخذ، بل بالعطاء كذلك.
تابعوا مشعل على إنستقرام للاطلاع على مزيدٍ من أعماله.