رغد العواجي ولدت وترعرعت في الرياض، ثم انتقلت إلى جدة قبل بضع سنوات. ينصب اهتمامها وتركيزها على الفن والتصميم بشكلٍ عام منذ الصغر. تدرس حاليًّا في جامعة دار الحكمة وتخصصها تصميم جرافيك.
ممكن تصفين وتصنفين المدرسة التي يتبعها أسلوبك الفني؟ وماذا ستضيف أعمالك إليها؟
تصميم الجرافيك يندرج تحته العديد من الفنون التي لا تعد ولا تحصى، وهي بالعكس تزيد كل يوم. لكن الفن الذي أتجه إليه حاليًا هو علم وفن صياغة الأحرف، ولكي أكون دقيقة أكثر اسمه فن صياغة الأحرف المعبِّر، أو كما أسميه: الترشيد البصري. بدأ هذا الشيء بالتأكيد عند الأجانب، وعندما بدأت به كانت أعمالي باللغة الإنجليزية، ومن ثم بدأت بعمله باللغة العربي؛ لأننا كعرب نفتقد هذا الشيء. لدينا الكثير من الخطاطين وفناني الخط العربي التقليدي كالخط الكوفي، والديواني، وما يشابهها من الخطوط التي تعتبر كلاسيكية. لكن ليس لدينا تلك القفزة التي تضع الخط جانبًا، وتتلاعب بطريقة صياغة الأحرف.
أنا بدأت هذا الأمر ووجدته مقبولًا. بالرغم من أنني بدأت منذ فترة طويلة، وحتى بدأ الناس بالتعود، أتى القبول والحمد لله.
الإبحار
أسلوبك يتميز ببساطته. كيف تصفين تأثير وضع الكلمات بشكل معين لمساعدة المتلقي على فهم رسالة العمل؟ وهل تعتقدين بأنه قد يكون مباشرًا للغاية بحيث لا يتعمق المتلقي في محاولتهـ/ا لفهم العمل؟
ما زلت أتعلم كيف يفهم المتلقي التصميم؛ على أي مكان يضع عينه أولًا، وأي كلمة يقرأها، ومن أين يبدأ.
هل (فني) صعب؟ هل بسيط؟ ما زلت أحاول الجمع بين البساطة والتعقيد بنفس الوقت لكي أوصل رسالة معينة. أفرح للغاية عندما يأتي أحد ويقول:"يا رغد، أنا لم أفهم تصميمك." لأنني بذلك سأتعلم كيف أوصل المعلومة بأفضل طريقة باستخدام ترتيب الكلمات أو الأشكال. أنا لا أستخدم شيئًا مباشرًا؛ فتصاميمي معقدة فعلًا، وأنا متعمدة أن الشخص لا يفهمها من أول مرة، لأن هذا ليس مفهومي. أنا لا أريد أن يفتح الشخص التصميم وينظر إليه لثانيتين ثم يفهمه. أنا أريده أن يتأمل، ويدقق، ويحس.
هل العبارات التي بأعمالك من تأليفك أم اقتباسات؟ على أي أساس تختارينها أو تؤلفينها؟
العبارات التي بأعمالي اقتباسات من كتاب في تويتر ومن وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام. عملية الاختيار تعتمد بشكل كبير على ذوقي أنا، بمعنى أن العبارة التي أشعر بأنها عميقة، وبنفس الوقت من الممكن أن تتجسد بصريًّا. هي ليست عبارة جميلة فقط، لأن هناك العديد من العبارات الجميلة، ولكن من الصعب تجسيدها بصريًّا. يجب على العبارة أن تكون مثلًا: قصيرة، عميقة وليست سطحية. هذه المعايير التي أختار على أساسها.
لا تقع
ممكن تحدثينا عن كتاب الأبجدية؟ هل هناك سبب لاختيار اللغة الإنجليزية؟
كتاب الأبجدية كان المشروع النهائي في مادة اسمها فن صياغة الأحرف اللاتينية، واستغرق مني شهرين. كان المطلوب مني أن أصمم خطًّا جديدًا، بمعنى أنني لا أبدأ من خط موجود أساسًا وأصمم باستخدامه، بل خط جديد كليًّا. كان من المفروض أن أصمم خطًّا بكل ما فيه: من الألف إلى الياء، والأرقام، وعلامات الترقيم. هذا الخط يكون له أسلوب معين وجديد، ولكن بنفس الوقت يكون مقروءًا.
بالتأكيد من أكثر المشاريع المحببة إلى قلبي، وقريبًا سأحاول أن أبيعه لأن الكثير سألوا عنه، وإن شاء الله سوف أخطو هذه الخطوة وقد أبيعه وأنشره.
مقتطفات من كتاب الأبجدية
تم استخدام عملك دون إذنك. ما أهمية حفظ الحقوق الفكرية للفنان بالنسبة إليك؟ وهل تعتقدين بأن الوعي بهذا الشأن كاف حاليًّا؟
حفظ الحقوق الفكرية من أهم الأشياء لدى المصمم أو الفنان، لأنك أنت (سارق الحقوق) تأخذ جهدي، تأخذ وقتي، تأخذ تفكيري وتنسبه لك. واجهت هذا الشيء كثيرًا، ولكن أحب أن أنوه على شيء، وهو أنني قابلت نوعين من الناس الذين يسرقون الحقوق الفكرية. النوع الأول هم اللذين يأخذون تصميمي، ويحذف اسمي ويغيرون أشياء فيه وينزلونه كمنشور عادي دون ذكر اسمي أو حسابي. هؤلاء الناس لا يعرفون أن هذا الشيء خاطئ، وليس لديهم وعي بهذا الأمر ولا يقصدون منه شيئًا، وحين أخبرهم مباشرة يعتذرون ويحذفون المنشور. النوع الثاني: يعرفون أنه هذا خطأ، ويتعمدون فعله. فللأسف نفتقد الوعي بخصوص الحقوق الفكرية، وما أتمناه هو أن يتغير هذا الشيء كثيرًا، لأن ما شاء الله هناك الكثير من المصممين هذه الأيام، والوعي بازدياد مستمر.
ما سبب تفضيلك للفن الرقمي على التقليدي؟ ما محاسن ومساوئ كلا النوعين؟
بالنسبة للفن الرقمي والتقليدي، أنا لا أفضل هذا على هذا، على العكس هما يكملان بعضيهما. عند إنتاج عمل هناك الكثير من الأشخاص أو أنا شخصيًّا أفضل أن أعمله بيدي أولًّا؛ لأن ذلك يجعلني أفكر أكثر وأنتج أفكارًا أكثر. ثم أستخدم الفن الرقمي لكي أنتج العمل بجودة ودقة عالية. بالنسبة للمحاسن، الفن التقليدي لا يقيدك بشيء، على العكس؛ فهو يجعلك تفكر بشكل أوسع وأكبر، والفن الرقمي طبعًا يساعدك كثيرًا عندما ترتب عملك، وتقدمه بشكل متقن، وهذا شيء جدًا مهم بالنسبة لي. بالنسبة للمساوئ، من الممكن أن الفن التقليدي مساوئه أن ليس لدى جميع الناس القدرة على الرسم أو أنهم لا يفضلون هذا الأمر، ولا أرى أن له مساوئ غير هذا صراحة. أما الفن الرقمي؛ فصعوبة البرامج أحيانًا مثل الأدوبي؛ لأخذه الكثير من الوقت لكي يتم إتقانه.
مبالغة
تعتبرين أمك الداعمة الأولى لك. ما أهمية هذا الأمر في مسيرة الفنان؟ هل هناك كلمة توجهينها لأصدقاء وأفراد عائلات الفنانين؟
أمي -هيا العواجي- الله يحفظها ويطول بعمرها كانت وما زالت أول داعمة لي، وطبعًا هذا ليس شيئًا مهمًّا بالنسبة لي فقط؛ هذا شيء أساسي. فلولا الله ثم أمي لم أكن قد وصلت لهذه المرحلة، لأنها هي من اكتشفت الموهبة هذه فيني عندما كنت صغيرة، وقررت أن تساعدني بالتخصص بها؛ بمعنى أنها موهبة وأصقلها بشهادة.
أريد أن أكون دقيقة أكثر بخصوص الكلمة الموجهة لأصدقاء وأفراد عائلات الفنانين؛ لا أريد أن أتكلم عن الفنانين (بشكل عام). أريد أن أتكلم عن مصممي الجرافيك، لأنني أرى أن هناك إجحاف صريح نحو تخصصنا. هذا التخصص جديد، وأغلب الناس لا يعرفون ماهيته ، وبالتالي سوف يقللون من قيمته، وسوف يشعرون أنه تخصص ليس له أهمية. أنا شخصىًّا أعرف مصممين عائلاتهم أو أصدقائهم لا يعترفون بهذا الشيء (تصميم الجرافيك)، وهذا شيء فعلًا يحطم، لأن هذا فن كبير؛ فالتواصل البصري وتصميم الجرافيك من التخصصات المطلوبة وسوف تكون من أهم التخصصات في السنين المقبلة، فأحب أن أوجه كلمة: ادعموهم، لأن تخصصهم عظيم للغاية، والدعم قد يسبب إبداع الشخص، فلا تقتلوا الطموح والإبداع لعدم معرفتكم ماهية شيء.
