26.

لأنهم هُم

ماذا عن شعور الوِحدة؟ ماذا عن الذكريات؟

ساعة تخرُجِك؟ نجاحِك؟ سقوطك، ووقوفكَ مرةً أُخرى؟ ماذا عن لحظة الحُزن الذي لا يُقهر؟ والفرح الذي يجعلك ترقصُ طرباً؟ ساعة سفرك، وعودتُكَ إلى الديار؟

عِندما تصرخ صرخة اكتشاف الحياة، تكون بين أحضان أُمك، عِندما تُصفق ضاحِكاً في خطواتك الأولى على الأرض، يكون والدك أمامك ليحتضنك قبل سقوطك. عِندما تُكمل عامكَ الأول على البسيطة، بين شموع .الاحتفال، سترى أُناسًا كُثر، هؤلاء هُم عائلتك

ستكبُر لِحد أنك تُريد أن تمتلك دراجة، ومِن بعدها العالم. سيكون هُناكَ أخٌ لك، أو والِداك، سيسرهم أن يأتوا لكَ بِدراجة وكُرة، سيُشارِكونكَ فرحة تحقيق أول خطوة إلى الحُلم.

في يومِكَ الأول في المدرسة، ستبكي كثيراً، أو ستكون مِمَن لا يُثيرهُم البُكاء، وستبقى صامِتاً طوال اليوم، لا تقلق حيال ذلِك، ستجِد من يُشارِكونكَ البُكاء والصمت، فأنتَ في الصف المليء بالخائفين.

وعِندما يدعوكَ أُستاذك لِحل مسألة جمع على السبورة، ستملؤك الرهبة، وستلتفت إلى من يجلس بِجوارك وتسأله ما الحل؟ هو كريمٌ جِداً، لِذا سيُعطيكَ الحلَ على عجل، لِتقوم بِكُل حماس تكتبُ الأرقام، تلتفِت إليه وأنتَ مُمتلئٌ بِالشُكر، هُنا تكون وجدتَ أولَ صديقٌ لك.

صديقُكَ هذا سيقف معك، عِندما تنسى حلَّ الواجِب، سيكون هو أول من يبدأ الضرب دِفاعاً عنك، هو من لديه دائماً إجابة لِسؤال ما الحل؟ هو من يملِكُ الحل، لِذا لاتخف وأنتَ بِجانبِه، رُبما ستُحبِذ لو تقول عنه منطِقة أمانِك. أيضاً في مسيرة تعرُفك على الحياة، سيكون هُناك أخوة لكَ بِالدم، نعم سيكون هُناكَ شِجارٌ دائم، عدمَ رِضا، وبُكاء مِن أجل لِعبةً ما.

لكن ثق بِأنهم سيكونوا دِرعكَ الحصين أمام الحياة، واحِداً مِنهم سيكون ملجأ للسهرِ ليلاً، للِخطوات المُتسلِلة في الساعة الأخيرة مِن الفجر.

هُم من سيحمِلوك على أكتافِهم، عِندما تُسجِل هدفكَ الأول، معهم ستضع خطط تدمير المنزل مِن أجل سعادة.

معهم ستُسافِر، ستمضي الكثير مِن الوقت بِجانبهم، رُبما ستقول بِأنه هذه أخر مرة تُسافر معهم، لكن يأتي الصيف مرة أُخرى، وتحزم حقائبك على عجل، صارخاً بِأنكَ أنت من سيكون بِجانب النافذة هذه المرة.

وستقول يوماً ما والِداك لا يُحبانك، سترى أنَّ قراراتهم ظالمة بِحقك، سترى بِأنهم يتحكمون بِحياتك.

قِف لحظة هُنا، وتذكر بِأنهم هُم أول من احتضنك، عِندما استوحشتك الدُنيا، لا ليسَ ظُلماً بل حُباً.

عِندما تصل إلى سنتك الأخيرة في المدرسة، سيكون قد مرّ عليك الكثير مِن الرفاق، عُد إلى رفيقكَ الأول، هل مازال بِجانبك؟ اطمئن هو معكَ إلى الأبد.

فرحةُ تخرُجك، قبولكَ في الجامعة، ومهما كان تخصصك، ستجدهم يُسانِدوك.

تُجرب حُزن الفشل مرة، مرتان، تنطوي على نفسك، تُبعد رفاقك واحداً تِلوا الأخر، هو يبقى صامِداً، يُشارِكُك حُزن الفشل، يربِطُ حُلمه بِحلمك لن أصل إلى أن تصل، هكذا يقول لك، بِصرامة قول الحُب، يمسك يدك، يدخل معك النفق المظلم.

.مُحاطاً بِكُل من تُحِب، تُقرِر أن تكون وحيداً

أعد تاريخ حياتك، هل هُنالِكَ ذِكرى، سعيدة كانت أم حزينة، كُنتَ فيه وحيدًا؟ ألم يقف أحدهم بِجانبك؟ ألم تكُن ذكرياتُكَ تِلكَ سِواهُم؟

هُم من يجعلون لِكُل لحظة في حياتك معنى، هُم الضوء الذي في آخر النفق، هُم من سيمسكون يدك، لِأنهم هُم.

جمانة اللويم طالبة في جامعة الملك فيصل. يمكنكم متابعتها على تويتر.