14.
لما كان أو سيكون
على ضفاف بحيرة صغيرة وقفت متأملة انعكاس الوجود فيها، كان كل ساكن ومتحرك حولها له قرين آخر بداخلها. المارون بها والأشجار حولها وحتى الغيوم التي بدت صعبة المنال في أعالي السماء بدأ انعكاسها أقرب إلي.
بحثت كثيراً عن انعكاس شيء واحد لم أجده، بحثت بين أوراق الشجر وريش الطيور والمقاعد المتناثرة، وقطرات الندى وحتى ذرات الاكسجين اللامرئية، ولكن لم أجد ذاتي.
إن للكون توازناً ذاتياً بين الخير والشر، النور والظلام، الحاضر والماضي، وفي لحظة اختلال هذا التوازن تتدمر عوالم بأكملها وتتحطم أرواح ويبدو كل شيء مختلف عما كان.
إن الكون والروح كائنان متشابهان كلاهما مجسمان زجاجيان سهل كسرهما، وما إن يتغير توازنهما حتى يتهشمان إلى ملايين القطع التي يصعب جمعها مجدداً.
يبدو أنني غرقت في ذكريات الماضي في طريقٍ بلا عودة، حتى تهشمت زجاجة روحي واختفى كياني من الوجود.
شدة حلاوة ومرارة الذكريات تجذب الشخص نحوها حتى ينسى حاضره ومستقبله، فيختل توازنه الداخلي، وإن تلك البحيرة لا تعكس من هم مثلي، من تهشمت أجزاءهم وصارت واحدة مع الطبيعة من حولها، من هربت منهم أرواحهم لما كان أو ما سيكون.
لينا الحارثي كاتبة من جدة.