تبدأ وَرد أول مقابلاتها مع الفنانة أروى النعمي. ولدت أروى في خميس مشيط عام 1985 م. تخصصت في المرحلة الجامعية في إدارة خدمات صحية ومستشفيات. تحاكي أعمالها تجاربها ومشاعرها، وتنعكس بيئتها وثقافتها عليها. حكت لنا عن نشأتها وكيف تؤثر على فنها، وعن بدايتها وتطورها مع تطور الساحة الفنية السعودية. انضمت إلى قرية المفتاحة الفنية في أبها عام 2000 م، وحازت على جائزة فنون المنطقة الجنوبية تحت رعاية الأمير خالد الفيصل في 2005 م. شاركت في معارضٍ دولية في عدة دول كالإمارات، .وإيران، والولايات المتحدة، .وألمانيا، وأسست معرض "لايڤ ديمو" في جدة في 2017 م
متى وكيف اكتشفت شغفك بالفنون؟
أولًا، منذ أن كنت طفلة وأنا أرسم. إنها موهبة، وليست اكتشافًا. كل المقربين مني علموا بأني أرسم منذ أن كنت تقريبًا بالخامسة، وأعتبرها أمرًا فطريًا. استمر في المدرسة؛ فكنت متميزة في الفنية.
هل الفن مهنتك وتخصصك الجامعي؟
لم تكن لدينا جامعات تدرس الفنون الجميلة في كل المملكة لأني من مواليد 1985 م؛ فليس تخصصي. في المملكة لم تكن هناك إلا عفت، وهي تعتبر جامعة أهلية، وكان تخصص الفنون الجميلة فقط اقتصاد منزلي بالنسبة للبنات. فلا توجد فنون كالرسم للبنات. تخصصي إدارة خدمات صحية ومستشفيات. كمهنة، نعم، أنا عائشة على فني.
أخبرينا عن انعكاس نشأتك وبيئتك على أعمالك الفنية.
عندما ترى كل أعمالي ترى تأثير بيئتي، فهي منعكسة تمامًا علي. أنا من الجنوب، من رجال ألمع أساسًا. رجال ألمع منطقة ثقافية جدًا، ومنطقة متحضرة جدًا منذ زمن. لدينا الرسم في فن القط. الفن لدينا في كل شيء: في الأكل، في اللبس، في المنازل، في الموسيقا، في الرقص الشعبي. أنا نشأت أساسًا في القاعدة الجوية- القوَّات المسلحة، ولكن كنت دائماً أزور قرية الوالد والوالدة. كنت أتأثر في رؤية أيام العيد والمناسبات، وكل الثقافة والجمال. الفن الموجود في عسير في كل مكان؛ فكان الفن في هذه المنطقة من أهم ما أثر علي.
جمل الربيع
من الأشياء أو الأشخاص الذين يلهمون أروى؟
كان ملهمي الأول الأستاذ –رحمه الله- حسن شريف الإماراتي. كان تقريبًا بالنسبة لي الأب الروحي، كنت أحب عمله .ونقاشاته. كل الأشخاص حولي أثروا فيني. إنني أتأثر حتى بنفسي. كل شخص يمر بحياتي أعتبره مدرسة أتعلم منها.
ما الصعوبات التي واجهتك وما زالت في مسيرتك كفنانة سعودية؟
الآن، الوضع اختلف خلال السنة هذه، أو خلال -لنقل- الأربع السنوات الماضية؛ فرأينا تغييرًا. لكن قبل كانت الفرص بنسبة 10٪ تقريبًا للفنانات أو أقل. لا توجد أماكن لتعلم الفن فيها؛ فهذه المشكلة التي واجهتها. حتى في قرية المفتاحة التشكيلية لم يوجد دعم للنساء كما للرجال، حتى المعارض تقام في أوقات لا نتمكن من الحضور فيها. المرأة كان يصعب عليها العرض، ويصعب عليها التواصل بشكل كامل. أما الآن، اختلف الوضع جدًا، بشكل مرعب وسريع جدًا. هذا صراحة مخيف! لي في مجال الفن سنين، ولكن ما حصل في السنتين الماضيتين، والسنة هذه أتمنى أن يكون صحيًا على الفنانين، رغم أني أراه بأنه ليس صحيًّا؛ لأنه حدث بسرعة.
روضة من رياض الجنة
تعتبر أروى أول مصورة صورت داخل المسجد النبوي لأجل عمل روضة من رياض الجنة، حيث التقطت صورًا للنقوش الداخلية.
يعتبر البعض أعمالك مثيرةً للجدل؛ هل واجهتك قيود في التعبير عن أعمالك؟ وما الذي شجعك على تنفيذها؟
أنا أحكي قصصًا تخصني، أو مشاعر خاصة فيني. لا أعرف لماذا تعتبر مثيرة للجدل. الناس يعتبرون أي شيء مثيرًا للجدل، والآن أي عمل فني يعتبر مثيرًا للجدل. صحيح أن أعمالي، خاصة عندما يتأملها شخص، سيبحث، وسيفكر في نفس الوقت. العديد من الناس فهموها بشكل سلبي، لكن الموضوع جدًا مختلف عن تفكيرهم. أنا دائمًا أتكلم عن مشاعري. مثلًا مشاعر المرأة في لعبة الملاهي، مشاعر المرأة عندما تلبس النقاب كثيرًا، والذي يعتبر بالنسبة لي "سكسي". مشاعر المرأة عندما تجتمع. أكثر من عمل لي يثير موضعًا، وفي نفس الوقت أنا لا أقصد إثارته بقدر ما أحكي عن الجمال بالموضوع. القيود موجودة في كل مكان، لكن قيود السعودية مختلفة قليلًا، وليست واضحة بالنسبة للفنانين. لكن لا توجد قيود بالنسبة لي. عرضت أعمالًا كثيرة في السعودية، ونالت الحمد لله على إعجاب الكثير.
Never Never Land
ما أكثر عمل مقرب إلى قلبك، ولماذا؟ أخبرينا أيضًا عن عملك الأخير
كل الأعمال صدقًا قريبة لقلبي، لماذا؟ لأنها تحكي أروى وما أحس فيه. لم يخلو عمل من أعمالي من تجربة، فكلها تجارب. لكن أكثر عمل أحبه لي، أو أحب أختلي فيه أوقات هو صوت الهيل. "نڤر نڤر لاند" من أعمالي التي أحبها، ولكن أحب صوت الهيل أكثر لأنه يذهب بي إلى عالم آخر. أسرح في خيالي كثيرًا، ويذكرني بأشخاص أحبهم، يذكرني بمناطق أحبها. لم أشغل الموسيقا إلا وأبتسم لا شعوريًا. كانت ردة الفعل عندما عرضته جدًا جميل الحمد لله. أحب هذا العمل جدًا! العمل تم عندما كنت في ملكة (عقد قران) واجتمعن ثلاث نساء، وجلسوا على الأرض، وأخذوا يد النجر (الهاون) وضعن الهيل وغنوا بالطريقة القديمة. أنا أحب تراثنا جدًا فوق ما تتصور. جلست بينهم وبدأت أسجل؛ فوجدت الحوار رائعًا والكلمات رائعة، وذكرني بجدتي -الله يرحمها- عندما كنت أستيقظ وأشم ريحة الهيل وأسمع صوت النجر في وقت الإجازة عندما كنا نزورها. حاولت أخترع قصة تذهب بي إلى ذلك الزمن، أو لماذا الناس تضعه مع القهوة. سميته "صوت الهيل" رغم أن الهيل لا صوت له، لكن له صوت في النجرعندما تضربه. هذه فكرة العمل، وهذا أكثر عمل أحبه. عملي الأخير "الفن ليس سباقًا"، وليس موجودًا على موقعي. صورناه العام الماضي، وعرضناه مباشرة في لايڤ ديمو. العمل عبارة عن "كفاية تسابق في الفن!" نحن نعتبر الفن استمتاعًا، والمشاكل التي تخلق بلا سبب لا داعي لها. أنا بالنسبة لي الفن مختلف عما يحصل الآن: من أكبر؟ من أسرع؟ من أقوى؟ من أول؟! أنا لا يهمني هذا كله، أنا يهمني أن الفن رسالة. للأسف في الفترة الأخيرة كثر الفنانون، وقلَّ الفن.
من أین یأتي هذا الصوت لیوقظني؟ لا أستطیع أن أمیزه أو أصفه؟
.هل هو صوت لطائر لیلي قلق؟ لو كان الصوت یأتي من الأسفل لشككت في إحدى الحشرات. لكنه یخترق أذني قادمًا من أعلى؛ قادمًا من وسط الظلام
الجمیع نیام. الرائحة لیست غریبة علي ولكن مدى حدتها یؤرقني . لست ببعید عن المكان. هل هو صوت الظلام؟ وهل للظلام صوت؟ أم هي أصوات الجن ؟
أحاول أن أنام. أنظر للأعلى لم أرَ النجوم بهذا القرب أبدًا. تطوقني تمامًا
جزء من قصَّة صوت الهيل-
ما دور الفن اجتماعيًا؟
بالتأكيد الأساس. الفن أساس أي شيء في المجتمع. الفن هو الطريقة الوحيدة التي ممكن للمرء أن يغير من خلالها. فنانات عديدات عملن على المطالبة بحقوق المرأة السعودية من خلال أعمالهن، وعملي "نڤر نڤر لاند" لامس هذه القضية، ولكن لم يكن يقصدها تمامًا. كان يحاكي استمتاع المرأة في قيادة الألعاب. كنت أتمنى أن نرى اليوم الذي نقود فيه؛ كنت أحتاج أن أوصل رسالة أن المرأة تحتاج أن تقود، ولكن ليس بطريقة المهاجمة؛ من حق المرأة أن تقود، ولكن بطريقة صحيحة وحضارية.
شاركتِ في معرض أقيم في طهران (2016) رغم توتر العلاقات السياسية السائد في المنطقة، كيف يخدم هذا رسالة الفن بنظرك؟
أولًا، أنا فنانة. والفن بالنسبة لي ليس له علاقة بالحدود السياسية. كإنسان، لا أفرق بين أنت من، أو ديانتك، أو من أين تأتي. الفن عبارة عن إحساس. الفن عبارة عن رسالة، بغض النظر أين تكون. لا أحب التطرق إلى الأمور السياسية، أنا إنسانة أرفض حتى الحدود الجغرافية! كانت موافقتي أن الفن غير مقيد لأحد. أي إنسان يمكنه أن يعرض في أي مكان بالعالم. لو وُجِد معرض هنا من أين مكان بالعالم سأحب أحب أن أراه. لم أحضر المعرض شخصيًا لوجود المشاكل بين الدولتين. الفن يفتح مجالات للحوار، ونقطة تحاور بين الأشخاص بغض النظر عن اللغات والأعراق والديانات في كل العالم.
كيف تصفين ردة فعل المجتمع السعودي والدولي على أعمالك؟
الحمد لله ردة الفعل كانت جدًا إيجابية لها، والدعم كبير سواء من الأمير فيصل بن سلمان الذي ساعدني كثيرًا، وأشكره. سواء من إثراء الذين ساعدوني، وعملت ثلاثة معارض ناجحة معهم في أمريكا. ردة فعل الناس كانت فيها نقاشات كثيرة، وكانت جيدة. بالتأكيد كان هناك سلبية، ولكن الموضع إذا لم يكن مثيرًا للجدل لن يوصل الرسالة التي أريدها.
صفي لنا الساحة الفنية السعودية حاليًا من حيث التطور، التنوع، المواضيع المتناولة
الساحة الفنية السعودية في حالة هيجان، في حالة إصلاح. لكن أصبحت الفرص أكثر بالتأكيد، ولكن المشكلة -من وجهة نظري فقط- أنهم يحتاجوا إلى التوجيه لعدم وجوده. لو وجد التوجيه السليم سيكون أفضل كثيرًا. المبادرات الأخيرة جدًا رائعة، وما يعملونه أنا سعيدة به فوق ما تتصور. من يتخيل أنه كان من الصعب في السابق أن تعمل أي معرض؟ أنا سابقًا عملت معرضًا "لايڤ ديمو" مع صديقتي رنين بخاري وواجهتنا صعوبات كالتصاريح، ولكن عملنا معرضًا رائع، وبدأت المعارض تكثر. عندما أزورها أرى المشكلة أن الكم أصبح كثيرًا، ولكن المشكلة في المحتوى. تقليد الغرب في الأعمال، وطريقة الطرح عشوائية أو مثيرة للجدل دون أن تكون من على تجارب. مثيرة أكثر من شخصية، أنا بوجهة نظري الفن يجب أن يكون على علاقة بك كشخص. طبيعي أن يكون هذا ردة الفعل، وسيوصل إلى مرحلة الاتزان في كل شيء. الساحة الآن في حالة صراع، وعملي "الفن ليس سباقًا" نوعًا ما يصف حال الفن في السعودية وخارجها. لكن "ليش لا؟" يمكن لكل شخص أن يجرب، والفن بالنهاية للجميع. لكن الفرص مع الجيل الجديد، وكونوا فنانين حقيقيين.
الفن ليس سباقًا
يمكنكم متابعتها على تويتر، أو زيارة موقعها الشخصي.